الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

توطئة

هذه هي قصتي. كتبتها لكي أفهم مسيرة حياتي ورحلتي من الإيمان بالإسلام الى رفض جميع الديانات. ولعلها أن تكون مفيدة للآخرين. لم أستعمل الأسماء الحقيقية إلا في بعض الحالات.

ولدت في انكلترا ، والدي من مصر ووالدتي انكليزية. لم ألتزم بالاسلام حتى سن العشرين ، حينما أصبحت متدينا جدا ، فمن العشرين حتى عمر ثمانية وأربعين ، عشتُ وعملت في أوساط الجالية المسلمة في لندن. درست اللغة العربية في جامعة لندن ، حيث كنتُ رئيس الجمعية الإسلامية فيها ، ثم بعد تخرجي من الجامعة ، أصبحت أمير إحدى جماعات الدعوة في شمال لندن ومحرر مجلتها الإسلامية . ولمدة خمسة عشر عاما كنتُ مدرسا في المدرسة الإسلامية التي أسسها يوسف إسلام ، الذي كان يُعرف سابقا بالمغني المشهور "كات ستيفنز، وخلال هذه الفترة كتبت أربعة كتبٍ للأطفال المسلمين.

ولكن ، حينما اقترب عيد ميلادي الثامن والأربعين ، أدركتُ أنني لم أعد أؤمن بالإسلام . طبعا هذا التغيير لم يحدث بين عشية وضحاها ، بل إنه بدأ منذ عدة سنوات عندما خامرني الشك في بعض المعتقدات ، وتدريجا رأيت الإسلام في ضوء جديد.

لو قلتَ لي عندما كنتُ في ذروة إيماني أن مثل هذا الشيء يمكن أن يحدث لي ، لم أكن لأصدقه ، ولأجبتُ بأنه من المستحيل لمن ذاق حلاوة الإيمان ، وانغمس في جمال القرآن وحكمته أن يرتدّ عن الاسلام أبدا ، وإذا ادّعي أي شخصٍ هذا لم أكن لأثق بأنه كان مسلما حقا ، ولاتهمتُه بنوايا شريرة . بيد أنّ الحياة علّمتني أنّ الاشياء التي كنتُ ظننتها سابقا من المستحيل قد يكون جائزا حدوثه.

بدأ يزحف فيّ الشك في الإسلام ، وحاولتُ قمعه ، وكان رد فعلي هو الغضب على الذين انتقدوا الاسلام ، وإلقاء اللآئمة على الغرب ، بسبب عداوته للإسلام ، والنفى بأن هناك أي عيب او علة في الإسلام . ولما قبلت اخيرا أن هناك عيوب يجب علينا مواجهتها فلم أستطع أن أقبل أن الإسلام نفسه هو المسؤول ، العيب فينا نحن المسلمون وليس في الإسلام ، وأنّ المشكلة هي التفسيرات الخاطئة فقط ، وبدأت أطالب بإعادة تفسير القرآن والإصلاح في وجهات النظر التقليدية . ولكن ، بدلا من إرضاء ذلك ضميري ، زادني شكا على شك ، وأقنعني بضعف هذا الموقف ، وخيانة أمانته . وأخيرا حاولت أن أقول لنفسي أنه لا بد أن تكون هناك تفسيرات ومعاني تتجاوز قدرتي على فهمها ، وأن الله أعلم وما عليّ إلا ان أعتصم بحبل الله ،  وأفوض أمرى اليه . قلت لنفسي انني لن أخسر شيئا اذا تمسكتُ بالإسلام ، وربما يعود إيماني بينما قد أخسر الدنيا والآخرة اذا تركت الاسلامفأجبرت نفسي على الصلاة  وإداء واجباتي الدينية ، ولكن هذا التظاهر لم يجعلني الا مكتئبا وتعيسا.

فالمرء لا يستطيع أن يختار ما يعتقد به ، إما أنه يعتقد به وإما لا . فالتظاهر بالايمان ليس هو الايمان حقا ، وإذا كان هناك إله،  فلا شك أنه لن يريد مني التظاهر بالايمان. فشعرت كأنّ عبئا كبيرا أزيح عن كاهلي عندما اعترفت لنفسي أخيرا ، أنني لم أعد أؤمن بالاسلام

ولكن ، لو أنني لم أعد أؤمن بالإسلام ، فهذا لا يعني انني تحولت فجأة إلى كاره للإسلام او للمسلمين. أعلم أن الإسلام يمنح الراحة النفسية وقيما جديرة الي للملايين من الناس ، وأن معظم المسلمين اناس طيبون ومحترمون . كيف يمكن أن أكره المسلمين وعائلتي منهم؟ وعندما أتحدث عن نظرياتي مع أولادي  أقول لهم:

"يجب عليك أن تفكر لنفسك وتتخذ قرارك بنفسك ، وإذا انت مطمئن بالاسلام ، فأنا سأؤيد اختيارك ولن أسالك عن شيئ ، غير انه ينبغي لكل فرد أن يفحص بصدق المعتقدات التي تُعتبر محورية في حياته ، فاذا اقتنع بها حقا ، ينبغي أن يتمسك بها كاملة ، بقلبه وعقله . ولكن ، إذا هي لم تصمد أمام التمحيص الدقيق ، فيجب عليه التخلي عنهاإن الحياة أقصر من أن تسيطر عليها تلك المعتقدات التي لا تؤمن بها."